Saturday, April 21, 2007

الا ونة الا دو الا ترى

كتب فى جريدة حزب العربى الديمقراطى الناصرى
الزعيم ينير فكرى وقلبى دائما.. وينير صالون بيتى مؤقتا.. منذ شهر كنت أجلس فى حجرتى بالجريدة ودخل على أحد الزملاء بيده جريدة الأهرام، وفى صفحة منها إعلان يقول مزاد علنى كبير: بيع تمثال الزعيم الخالد جمال عبدالناصر للفنان جمال السجينى، ومقتنيات أسرة عريقة... توقف نظرى على السطور.. وتسارعت دقات قلبى.. وشل عقلى للحظات.. أخذت الهاتف، وبأصابع ترتجف قمت بالاتصال بالرقم الملحق بالإعلان.. تمنيت أن يكون الأمر مزاحا سخيفا.. أو أن يكون حلما كابوسا.. لكن صاحب المزاد أكد الخبر الفضيحة!!.. قلت له: هل تبيع تمثال عبدالناصر زعيم الأمة العربية فى مزاد؟! أجابنى: لما لا؟ أنا تاجر ومن يحب عبدالناصر فليأت ويشتريه!! والرجل محق.. فهو تاجر حقا.. أما من يأتى ويشتريه هذه.. فقد كانت الطامة الكبرى الثانية التى أضيفت للطامة الكبرى الأولى: وهى أن يباع تمثال عبدالناصر فى مزاد علنى.. وفى بلده مصر!!.. مصر التى أعطاها عمره.. وأعطى شعبها آماله وأحلامه حتى آخر لحظة فى حياته.. مصر التى يوجد على أرضها من يسمون أنفسهم بالناصريين القادرين ماديا منهم الذين يدعون إيمانهم بفكره ويقولون إنهم يسيرون على دربه، مصر التى على أرضها يعيش أولاد عبدالناصر.. بناته وأولاده من صلبه ومن دمه، مصر التى عاش لها وبذل فى سبيلها كل الغالى وكل حياته. فماذا فعلت مصر لوقف هذه الفضيحة؟!.. ماذا فعل النظام المصرى الذى يقول إنه ابن ثورة يوليو التى فجرها وقادها عبدالناصر وأنه ـ النظام ـ هو الوريث الشرعى لها؟!! وماذا فعل الناصريون القادرون ماديا على أرض مصر.. هؤلاء الذين تاجروا واستفادوا بارتدائهم قميص عبدالناصر؟، ماذا فعلت أسرته من إخوته وأولاده وبناته؟ لا شيء.. لم يفعل أحد أى شيء.. وظللت لأسبوع بأكمله أتابع صامتة وقلبى يرتجف وأدعو ربى أن يقدرنى على إنقاذ تمثال عبدالناصر من الإهانة التى ليس بعدها إهانة.. بل وعلى إنقاذ مصر كلها من الإهانة.. بل وإنقاذ الأمة العربية بأكملها من الإهانة.. هذه الأمة التى عشقها وآمن بها وسعى وجاهد لكى تكون دائما عزيزة مرفوعة الرأس.. وقد كانت هكذا فى عهده. أسبوع كامل والتمثال موجود.. ينتظر مصيره فى أن ينادى عليه بائع المزاد قائلا: ألا أونا.. ألا دوى.. ألا تري!! وأن تتلقف التمثال يد ثرى من أثرياء هذا العصر قد يكون بائع خردة أو خيش أو صاحب جزارة كبرى.. أو صاحب ملايين فى حساباته فى بنوك الخارج التى قد أخذها قروضها من أموال شعب مصر ولم ولن تسدد!!. ثم يضع ـ من سيرسو عليه المزاد ـ التمثال فى مخزن فى منزله أو ركن مظلم.. ويتباهى قائلا: عبدالناصر محبوس فى منزلى!! أو قد يجد فيه مكسبا كبيرا لو قام بصهر البرونز المصنوع منه التمثال.. ثم يصنع منه ميداليات عليها صورة بوش أو السفاح شارون، لكى يضمن بيعها فى لحظات!!. لكن الله ستر ولم تلطخنا الإهانة جميعا بطينها الملوث.. والستر جاء من الله أولا ثم من مجموعة رائعة لهم موقعهم الكبير على الإنترنت ويسمون أنفسهم الوحدويون العرب وموقعهم هو ..ولهم يوم فى الأسبوع يلتقون فيه ويستضيفون فيه شخصية من الشخصيات السياسية العربية التى تؤمن بالعروبة وبحتمية الوحدة العربية وتأخذ من فكر عبدالناصر النبراس والطريق. يستضيفون الضيف ويوجهون الدعوة فى الموقع على الإنترنت لكل من يريد أن يعرف ويفهم ويهتم بالهم العربى وقضايا الوطن العربى. هذه المجموعة تضم شخصيات من جميع الأقطار العربية، يعيشون فى داخلها فى أقطارها العربية المختلفة وفى خارجها فى أوروبا وكندا أمريكا.. وأتشرف بأن أكون واحدة منهم. اتصل بى وأنا فى وسط ألمى وحزنى أحد الأخوة من المجموعة، فحكيت له عن المزاد الفضيحة وسمعت صوته عبر الهاتف يقول: أرجوك أوقفى هذه المهزلة وقومى بشراء التمثال بأسمنا جميعا وبأى مبلغ ونحن جميعا معك.. وأغلقت الهاتف.. وأخذت أبكى ألما وحزنا وأيضا فرحا.. ألما وحزنا لأن عبدالناصر لم يجد فى داخل البلد الذى أنجبته من يعرف قيمته ومن يهب سريعا لإنقاذنا جميعا من المهانة. وفرحا: لأن عبدالناصر ليس ابنك يا مصر فقط بل هو ابن لأمة كبيرة عظيمة آمن بها وأحبها فأحبته وعرفت قدره.. وها هو واحد من أبناء عبدالناصر الشرفاء صرخ فى قائلا: أرجوك تصرفى سريعا قبل أن تحدث الكارثة.. واعذرونى فإننى لن أستطيع ذكر اسمه لأنه جعلنى أقسم ألا أذكر اسمه. وبدأت اتصالاتى.. وكان كل همى ألا يدخل التمثال فى المزاد بل أن أقوم بشرائه خارج المزاد دون ألا أونا.. ألا دوى.. ألا تري ووصلت إلى اتفاق مبدئى مع صاحب صالة المزاد.. ولكن وكما يقال: اللهم احمنى من أصدقائى أما أعدائى فأنا كفيل بهم.. كانت المفاجأة بأن صاحب المزاد قد زاد طمعه لأنه سمع أن هناك فى مجلس الشعب من سيقوم بتقديم طلب إحاطة بشأن بيع التمثال فى المزاد!!. وعليه فإنه يتوقع أن يباع التمثال بمئات الآلاف من الجنيهات.. إما من الدولة أو من أسرته أو قد يشتريه ثرى من أثرياء مصر أو أثرياء العرب!!.. ونسى التاجر أن تمثال عبدالناصر لن يشتريه إلا أبناء شرفاء نبلاء من أبناء عبدالناصر.. لا يطمعون فى مجد أو مظهره أو مزايدة أو فرقعة إعلامية!! والآن وبعد مرور شهر منذ يوم الإعلان وحتى وصول تمثال الزعيم إلى بيتى يوم الأربعاء الماضي ووصول تمثال الزعيم لينير أرجاء صالون بيتى مؤقتا.. ودعونى أقول لماذا مؤقتا؟ لأن تمثال عبدالناصر لن يكون مكانه ـ ورغم سعادتى التى لا توصف بهذا ـ بيتا أو صالونا أو قاعة شخصية.. لكنه لابد أن يكون ملكا للناس.. فى وسط الناس فى مكانه الصحيح.. ولهذا حديث آخر سينشر بإذن الله فى العدد المقبل فى تحقيق كبير. وأخيرا: شكرا لكم يا أبناء عبدالناصر الحقيقيين من أبناء الأمة العربية بجميع أقطارها الذين حقق إصراركم ومثابراتكم ألا يباع تمثال عبدالناصر فى المزاد.. ولعبدالناصر الخالد أقول: ستظل حيا وزعيما وقائدا. وتظل تنير قلوبنا وعقولنا بأفكارك ومواقفك ورغم أنف الناكرين والمتقاعسين والمزايدين.

No comments: