Monday, July 2, 2007

رحمة الله عليك

بقلم / أحمد عبد الناصر

ثورة يوليو.. خمس وخمسون عامًا مضت على تفجرها ، ورغم ذلك فإن مبادئها لم تشخ ، بل كلما مر عام ، عادت ذكراها تجري في عروق الشباب جيلاً بعد جيل .
فثورة يوليو حلم لا يكاد يصدق أحد أنه تحقق يومًا على هذه الأرض ، ولا يصدق أحد أن هذا الشعب وجد من أعطاه حقوقه في يديه ..
لكنا خرجنا إلى الدنيا وجدنا هذه الحقوق سُلبت منا.. الثورة التي حررت الفرد قبل أن تحرر الأرض ، فإذا ربيت مواطنًا حرًا لا يقبل الذل والهوان ، فلا تخف على الأرض والوطن ، فالحر لن يسكن إلا حرة ، ولن يتنفس إلا عزة وكرامة.
هذا المصري وجد من ملّكه الأرض التي كان مسخّرًا فيها لخدمة الأجنبي ، المنتفع وحده بخيرها ، وحررت القنال الذي اختلطت مياهه بدماء الأجداد ، وشقت الطرق وأعلت الكباري وشيدت المصانع ، وشحذت الهمم والطاقات ، واستعانت بالعلم والتعليم ، ونادت بالوحدة العربية كخلاص من مشاكل الأمه ، وبَنَت السدالعالي معجزة القرن الذي لم نقدم جديدًا من بعده .
اهتمت الثورة بالفقراء ، فأقامت المستشفيات ، وسنّت القوانين التي تحفظ حقوق الفقراء ، وساوت بين الطبقات ، وألغت الألقاب . ورغم خوضها الحروب تلو الحروب والمعارك المتتالية ، واستهدافها من كل جانب ؛ خوفًا من إحداثها انفجارًا بالمنطقة كلها ، لكنها لم تخمد نارها أبدًا ، فالأفكار والمبادئ لا تموت.. مات الزعماء والقادة ، وظلت الفكرة في وجدان الشعب ، وصوت جمال يدوي في اْذان من لم يروه ومن لم يسمعوه .
نعم.. نسمعك اليوم ياجمال تنادينا : أيها الإخوة والأخوات.. 55 سنة على الثورة ، بس مش دي مصر اللي سبتها ، ومش ده شعبها ومش دوول أهلها.. كنا بننادي بالوحدة ، وعارفين إن الاستعمار مش هيسيبنا نحقق الوحدة .. الاستعمار وأعوانه ضربونا وهاجمونا في 56 ، وحطموا الوحدة مع سوريا ، وحاربونا في اليمن ، وتآمروا علينا في67 .. كل ده في 18 سنة أيها الإخوة والأخوات.. دلوقتي الاستعمار وصلنا لمرحلة إن احنا عايزين نوحد مصر نفسها ونصلحها من الداخل.. ننزع الكراهية والأحقاد اللي عملها الفساد ، وتفاوت الطبقات وانتشار الجريمة بشكل مفزع وقاسٍ ومتوحش ، والفساد الإداري والرشوة والاعتماد على المحسوبية وأهل الثقة ، وتواري دور العلم والمتعلمين وانهيار التعليم.
وتدهور صحة المواطنين ، واتساع شريحة الفقراء والمعدمين ، وتخلي الدولة عنهم ، وانتشار البطاله والنزوح من الوطن ، في نفس الوقت اللي بيزداد الاستثمار الأجنبي في الوطن.. عمرك شفت بلد طارد لأبنائه وجاذب للأجانب ؟ ! كل الدول يا طاردة يا جاذبة إنما الاتنين بالنقيض..
أرجع أيها الإخوة لصحة المواطن.. أنا مريت على مستشفى للكلى شعرت إن كل الوطن عنده فشل كلوي ، ونفس الشعور لما مريت بمستشفى السرطان ، ومستشفى الكبد .. أرقام المرضى بالملايين .
الناس لسه بتحكي عن هزيمة 67 ، ونسيوا إنجازات ماقبلها ، ونسيوا إن الجيش اللي انتصر في 73 هو الجيش اللي بنيناه بعد الهزيمة بقياداته وأسلحته وحوائط صواريخه.. أنا باقولهم إن الهزيمة في 67 أشرف بكتير من اللي أنا شايفكوا فيه دلوقتي.. إحنا اتهزمنا عشان ما ساومناش ومافرطناش في فلسطين ، وما رضيناش بسينا وضيعنا الوطن كله بمواطنيه ، وما دخلناش الأعداء بلدنا يلعبوا بمقدراتنا.. كلمتنا كانت واضحة ومؤثرة ، وكرامة الإنسان المصري كانت في السما من المحيط للخليج.. انهزمنا واستشهد 70 ألف من ولادنا ، لكن بنينا جيش تاني بسرعة قياسية لأننا كنا محافظين على مخزونا الحقيقي ، وهو صحة المواطن المصري.. النهاردة بننهزم كل يوم وأحيانًا أكتر من مرة.. هو عدم القدرة على الفعل مش هزيمة ؟ السلبية مش هزيمة ؟ التفريط في حاجات المواطنين الأساسية.. مش هزيمة ؟ زرع الشقاقات والكراهية بين أبناء الوطن.. مش هزيمة ؟ وعزله عن إخوانه العرب مش هزيمة ؟ انعدام أي دور لمصر ، وتأثير سياسي في المنطقة.. مش هزيمة ؟ الخوف من مجرد نقد الظلم من الأعداء.. مش هزيمة ؟ فلسطين ماحدش بيقدر يقول عليها محتلة والعراق احتل ومش قادرين نتكلم.. كل ده مش هزيمة ؟! لو كل دي مش هزايم يبقى احنا كنا منتصرين في 67.
وهنا انتهى صوت الزعيم الخالد ، وتوقفت كلماته التي تدوي في أسماعنا..
إنها الحقيقه يا ثورة يوليو.. أنتِ خالدة ، وكلما نزعنا ورقة من نتيجة الحائط زاد عمرك يومًا وزادت قيمتك ، وزاد احتياجنا لكِ من جديد.

5 comments:

shady said...

عاش ثورة يوليو خالدة فينا فى أبنائها أولاد الفلاحين والغلابه وعبيد الباشا والبيه

قومى الى الابد said...

يا عم شادى عاش كل مصرى حر عاش عاش عاش

أميرة said...

لو كل دي مش هزايم يبقى احنا كنا منتصرين في 67

مقالة رائعة واختيار جيد منك فالمقالة تستحق النشر

صدقت انها الثورة الخالدة

خالص تحياتى

أميرة said...

هذا لينك المقال من مجلة علىّ صوتك

احقاقا للحق

http://www.3allisotak.net/apages.php?pids=225&ids=do

أحمد الناصر said...

شكرا اخى لنشرك المقال وانا بادعوك لزيارة مجلة على صوتك ومتابعة مقالاتى القادمة ان شاءالله