Saturday, June 23, 2007

أول القصيدة كفر



بداية غير موفقة، تأتى مع بداية الدورة البرلمانية الجديدة، تضرب عرض الحائط بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة، وتكشف عن مدى إصرار الحزب الوطنى على سلوك كافة السبل المشروعة وغير المشروعة لضمان انفراده بالسيطرة على الحكم والسلطة فى مصر أبد الآبدين، تجلت فما أدلى به أمين شباب الحزب الوطنى مبكرا فى أعقاب نتيجة الإنتخابات البرلمانية المطعون فى صحتها، بما جاء على لسانه وجرى نشره فى صور صفحة أخبار الدولة بجريدة الأهرام عدد يوم 19 ديسمبر الماضى عن الحملة الوطنية التى تنظمها أمانة شباب الحزب الوطنى لاستخراج البطاقات الانتخابية لمواليد 1988، الذين سيبلغون السن القانونية لاستخراج البطاقة مع بداية يناير القادم، حيث تقوم أمانات الشباب للحزب بالمحافظات بحصر أسمائهم للإحتفال! بعيد ميلادهم الثامن عشر، مع ضمهم للحزب الوطنى. وهكذا، بتصرف حكومى سلطوى، يتصور أمين شباب الحزب الوطنى الهمام انه سوف يتمكن من ضم كل شباب مصر بالتدريج الى دخول الحزب الوطنى دون سواه، مستغلا فى ذلك أجهزة الدولة وإمكانياتها، ابتداء من كافة مواليد 1988 من النساء والرجال، دون اعطائهم فرصة التفكير وحق الاختيار بين الحزب الحاكم وغيره من الأحزاب الوطنية الأخرى، تحت زعم الاحتفال بعيد ميلادهم الثامن عشر، من واقع البطاقات الانتخابية وعناوينهم التى يحصلون عليها من أقسام الشرطة، بدلا مما هو مفترض من قيام أقسام الشرطة بتسليمها لاصحابها وفقا للاجراءات الإدارية المعتادة. والمأساة فى هذا التصرف، الذى يأتى من عبقريات منهج الاصلاح والمستقبل الذى يتبناه الحزب الحاكم، أن أمين الشباب- المكلف بهذا الإجراء أو الداعى له - ربما لا يدرى ان مسألة القيد فى جداول الانتخاب بما يتيح للمواطن حق الترشيح والانتخاب، هو حق دستورى لصيق بالشخص ذاته، وأن دور الدولة والأجهزة الإدارية وكافة الأحزاب هو حث المواطنين ودعوتهم لقيد اسمائهم بالجداول الانتخابية بضم هؤلاء المقيدين لصفوف حزب معين، حيث ان ذلك يصادر من جانب اخر حقا دستوريا اصيلا من حقوق الانسان، وهو الحق فى التجمع والتنظيم والاختيار فى إطار أى من الأحزاب الأخرى، التى قد يرغب الانضمام اليها، إرتباطا بحقه القانونى والدستورى فى حرية الرأى والتعبير وإعتناق الآراء، دون تضييق، على خلاف ما يتصوره الحزب الوطنى من إمكان ربط أفكار جميع شباب مصر بفكر الحزب الوطنى ومنهجه وأساليبه دون غيره من الأحزاب الأخرى، وكأن الأحزاب الأخرى خارجة على نظام الدولة أو قوانينها، وأنها ليست بأحزاب شرعية، رغم أنها فى الواقع أحزاب مقيدة ومحاصرة وتخضع قانونا لوصايا واشراف لجنة شئون الاحزاب التابعة للحزب الوطنى، والتى ابتدعها نظام الحكم القائم لتكون أداته فى السيطرة على كافة احزاب المعارضة بشكل أو بآخر.. وهكذا تتكامل الأدوات والممارسات معا لتحجيم نشاط احزاب المعارضة، والعمل على شل فاعليتها، وحرمانها من اكتساب أى عضوية جديدة - وبخاصة من الشباب - ضمن صفوفها، ثم تدعى الدولة بعد ذلك توافر أركان الحرية والديمقراطية وتكافؤ الفرص بين الحزب الحاكم وبين سائر الأحزاب، رغم أن الجميع يعلم ويدرك أنها مجرد كلمات جوفاء لإدعاء توافر ديمقراطية وإصلاح، وهى فى الواقع مشاركة معدومة بالكامل، فى ظل قوانين الدولة وممارسة أجهزة القمعية التى تضرب الديمقراطية فى مقتل، والتى أصبحت مكشوفة للكافة سواء بين أهل البلاد أو من شعوب البلدان الأخرى. وللأسف فان الحزب الوطنى باستخدامه عددا من الأساليب الرخيصة، ومن بينها الاستحواذ على جموع الشباب منفردا- باستخدام كافة وسائل الترغيب والترهيب - خاصة خلال الحياة الجامعية - للتمكن من فرض ولايته عليهم تحت لواء جيل المستقبل التى تنتشر تشكيلها فى شتى ربوع جامعات ومعاهد مصر - ولتمارس العمل السياسى فى داخل تلك التجمعات - خروجا على قانون الأحزاب واتخاذ ستار النشاط الاجتماعى والترفيهى والرحلات والمعسكرات ودعم الأنشطة السياسية والجماهيرية للحزب الوطنى، بما يصب فى النهاية لضمان تواصل جموع شباب جيل المستقبل فى وحدات وتنظيمات الحزب الوطنى، دون غيره من الأحزاب. وذلك بالتمهيد لاعدادهم وصرف بعض المكافآت لهم، وتدريبهم على المطلوب منهم أداءه فى مستقبل الأيام لضمان الاستحواذ على السلطة، مع حرمان كافة الأحزاب من ممارسة أنشطتها بين شباب الجامعات والمعاهد العليا فى ذات الوقت، فإن كل هذه الممارسات إنما تشكل فى الواقع جريمة سياسية ودستورية كبرى، تخرج عن مبادئ حقوق الإنسان المدنية والسياسية التى تلتزم بها حكومة مصر امام الأمم المتحدة والعالم أجمع. وألا يكفى الحزب انفراده بكافة إمكانيات الدولة وأموالها، وبدعم أجهزتها الادارية والأمنية والصحف ووسائل الاعلام، بما يشكل إخلالا جسيما بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بينه وبين سائر الأحزاب الأخرى، حيث يسمح بارتكاب هذا الاعتداء الصارخ على العديد من حقوق الانسان الأساسية؟ والقضية: هل يملك أى حزب اخر ان يحصل من اقسام الشرطة على بطاقات المقيدين أو حتى أسمائهم أو عناوينهم، ليقوم من جانبه بالاتصال بهم ودعوتهم الى الانضمام لعضويته، أو أن يقوم بضمهم اليه عنوة كما أعلن امين شباب الحزب الحاكم؟ وهل يتفق ذلك مع الدستور؟ والله دى حاجة تكسف للدرجة دى احنا بقينا شعب جبان يا اخى منهم لله اللى كانوا السبب .

No comments: